يتم دمج الروبوتات بشكل متزايد في الحياة العامة في دولة الإمارات العربية المتحدة، مع تشجيع الهيئات الحكومية والشركات على استخدام الروبوتات والذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة الخدمة وتطوير الأعمال في جميع القطاعات.
أصبح تواجد الروبوتات في الأماكن العامة والجهات والمؤسسات الحكومية والخاصة أمراً شائعاً، حيث يُنظر إليهم كموظفين رسميين قادرين على تلبية المتطلبات وإنجاز المعاملات بسهولة وسرعة ودقة متناهية.
أعلنت وزارة المالية أمس عن توفير 39 ألف ساعة عمل بشرية من خلال اعتماد أتمتة العمليات الروبوتية (RPA) لمعالجة أكثر من 1.8 مليون معاملة بدقة تتجاوز 98 بالمائة. وقد أدى ذلك إلى تحسينات كبيرة في الإنتاجية والكفاءة، واتخاذ خطوة أخرى نحو التحول إلى اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار. وهو يتماشى مع هدف جعل دولة الإمارات العربية المتحدة أفضل دولة في العالم بحلول الذكرى المئوية لتأسيسها في عام 2071.
أكملت وزارة المالية المرحلة الثانية من رحلة التحول الداخلي نحو RPA.
وتستخدم الوزارة الآن الروبوتات (تطبيقات برمجية تؤدي مهام آلية)، وتعد روبوتات الدردشة من أكثر الأنواع شيوعًا. يدير هؤلاء التفاعلات عبر الهاتف أو عبر الإنترنت بين المؤسسات وعملائها. وتستخدمها وزارة المالية على منصة المشتريات الرقمية الخاصة بها، مما يؤدي إلى تسريع العمليات من 60 يومًا إلى 6 دقائق. وهذا يعزز المنافسة الأكبر على العقود الحكومية من خلال السماح لعدد أكبر من الشركات الصغيرة بالمشاركة.
واليوم، ينتشر استخدام مثل هذه الروبوتات بشكل متزايد في القطاع العام حيث تسعى الجهات الحكومية إلى تحسين الكفاءة وخدمة العملاء. أعلنت مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية عن تجهيز مرافقها الصحية بـ«روبوت سحب الدم»، لتكون أول مؤسسة إقليمية تستخدم هذا الروبوت. وتشير الدراسات إلى قدرته على توفير 80 بالمائة من الوقت الذي يحتاجه الموظفون و50 بالمائة من وقت انتظار المرضى لخدمات سحب الدم.
جاء هذا الإعلان خلال معرض ومؤتمر “الصحة العربية 2024” المنعقد حالياً في دبي، حيث تشارك المؤسسة كشريك استراتيجي في خدمات الرعاية الصحية بأربعة محاور رئيسية.
إن “روبوت سحب الدم” ليس مجرد أعجوبة ميكانيكية؛ إنها شهادة على تركيز دولة الإمارات العربية المتحدة على التكنولوجيا المتطورة. وهي مجهزة بالذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الأشعة تحت الحمراء، وتعد بتقديم خدمة فعالة ودقيقة، وتضع معيارًا جديدًا لأتمتة الرعاية الصحية.
إدراكًا للطلب العالمي على خبرات الروبوتات، اتخذت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي (MBZUAI) خطوة للأمام. من خلال إطلاق قسمين جديدين مخصصين للروبوتات وعلوم الكمبيوتر، تسعى الجامعة إلى تنمية الجيل القادم من قادة الذكاء الاصطناعي والروبوتات. إن تركيزهم على الروبوتات المتمركزة حول الإنسان والمستقلة يتماشى تمامًا مع رؤية البلاد لمستقبل يعتمد على التكنولوجيا.
تم تعزيز مكانة دبي كنقطة جذب لعمالقة التكنولوجيا في مارس 2023 مع افتتاح المقر الإقليمي لشركة UiPath. وقد اختارت هذه الشركة الرائدة في مجال أتمتة العمليات الروبوتية دولة الإمارات العربية المتحدة لمشهدها الديناميكي، مما عزز مكانة الدولة كمركز عالمي للابتكار.
يمتد احتضان دولة الإمارات العربية المتحدة للروبوتات إلى ما هو أبعد من الرعاية الصحية والأوساط الأكاديمية. إنهم يعملون كمستشارين تعليميين، ومحاضرين، ومذيعين، وجراحين، وصيادلة، وممثلي خدمة العملاء، وحتى رجال الإنقاذ البحري! يُظهر هذا التنوع الإمكانات اللامحدودة للروبوتات، وتحويل القطاعات في جميع المجالات.
الدكتور علي البلوشي، استشاري جراحة العظام واستبدال المفاصل ونائب رئيس قسم العظام في جمعية الإمارات الطبية، يجسد قصص النجاح التي حققتها تكنولوجيا الروبوتات. منذ احتضانه للذكاء الاصطناعي والأدوات الروبوتية، حقق رقمًا قياسيًا عالميًا، حيث أجرى أكثر من 1500 عملية جراحية لمفاصل صناعية بنسبة نجاح ملحوظة بلغت 99 بالمائة. يسلط هذا الإنجاز المذهل الضوء على إمكانات الجراحة بمساعدة الروبوت في تغيير الحياة.
تزدهر الجراحة الروبوتية في دولة الإمارات العربية المتحدة. وكانت وزارة الصحة ووقاية المجتمع في الطليعة، حيث أجرى مستشفى القاسمي في الشارقة أول قسطرة قلبية روبوتية ناجحة في عام 2014. وتوسعت الوزارة إلى ما هو أبعد من إجراءات القلب، حيث أطلقت أيضًا برنامج الجراحة الروبوتية لصحة المرأة والولادة. ولزيادة تعزيز رعاية المرضى، اعتمد مستشفى الفجيرة خدمات الصيدلية الروبوتية لتقليل الأخطاء الدوائية وأوقات الانتظار.
يشهد المشهد الإعلامي في دولة الإمارات العربية المتحدة تحولاً آلياً. أطلقت مؤسسة دبي للإعلام أول مذيعة أخبار تعمل بالذكاء الاصطناعي ناطقة باللغة العربية ومدعومة بالخوارزميات الذكية. وحذت شركة أبوظبي للإعلام حذوها، حيث كشفت عن مذيعة الأخبار الخاصة بها والمدعمة بالذكاء الاصطناعي والقادرة على تقديم الأخبار باللغتين وتتميز بتفاعلات الوجه التعبيرية. وتشكل هذه الإنجازات مستقبل استهلاك الأخبار في المنطقة.
تبنت سلطات إنفاذ القانون في دولة الإمارات العربية المتحدة الابتكار في مجال الروبوتات. في عام 2017، دخلت شرطة دبي التاريخ مع شجرة التنوب العالمية
ضابط روبوت متعدد اللغات يستشعر المشاعر. قادر على فهم لغة الجسد، والتعرف على الإيماءات، ومساعدة الجمهور بست لغات، وقد أعاد هذا الروبوت تعريف التفاعل بين الشرطة والمواطن. وتعزيزًا لتكامل الذكاء الاصطناعي، قامت مديرية المرور والدوريات بشرطة أبوظبي بنشر مساعدين آليين ذكيين لمبادرات التوعية المرورية طوال عام 2023.
الروبوت الذكي الذي طورته القيادة العامة لشرطة أبوظبي ليس مجرد شرطي مرور. وشاركت بنشاط في فعاليات مثل أسبوع المرور الخليجي، وبطولة الجوجيتسو، والمعرض الصيفي، حيث قامت بتثقيف الجمهور بالنصائح المرورية، وأفلام التوعية الرقمية، وطرق ممتعة لتحسين الثقافة المرورية من خلال الذكاء الاصطناعي.
تعد حماية الأرواح على شواطئ دبي المذهلة مهمة فريدة من نوعها، ويقوم المنقذ الآلي بذلك على أكمل وجه. تتعامل هذه الأعجوبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي مع الأمواج والتيارات الصعبة، وتنقذ ما يصل إلى خمسة أشخاص في وقت واحد، وهو إنجاز يفوق معظم رجال الإنقاذ من البشر.
أصبح تحليل الأسمنت أكثر ذكاءً. يستخدم مختبر دبي المركزي الآن كيميائيًا آليًا آليًا، يستخدم تقنية الأشعة السينية والذكاء الاصطناعي المتطور لاختبار جميع أنواع الأسمنت بدقة، مما يضمن جودة البناء وسلامته.
الممرات المائية الملوثة لا تضاهي “Pixie Drone”، وهو روبوت عائم معتمد من دولة الإمارات العربية المتحدة. يجمع هذا البطل البيئي النفايات البحرية بسهولة لمدة تصل إلى ست ساعات في المياه العذبة والمالحة، ويبتلع ما يصل إلى 160 لترًا من النفايات السائلة في المرة الواحدة.
وتم دمج الروبوت في أقسام خدمة العملاء بالجهات الرسمية. أطلقت هيئة دبي الرقمية، روبوت الدردشة راشد، الذي يوفر للمستخدمين معلومات شاملة فيما يتعلق بالإجراءات والمستندات والمتطلبات الخاصة بمعاملاتهم المتنوعة. وامتدت هذه المبادرة لتشمل نشر الروبوت لمهام التنظيف في محطات مترو دبي.
المصدر: الطباعة