شفقنا – إن استمرار حضور ونشاط الأمم المتحدة في أفغانستان بالتوازي مع استمرار منع طالبان، النساء من العمل في مكاتب المنظمة الدولية، رافقته انتقادات و اسعة.
وبعد أن منعت طالبان، النساء من التواجد في مقار عملهن في مكاتب الأمم المتحدة في أفغانستان، أوعزت المنظمة الدولية لموظفيها الرجال أن يمكثوا في منازلهم ويعملوا من هناك لمدة خمسة أشهر. لكن وبعد انتهاء هذه المهلة وبالتحديد بعد اجتماع الدوحة الذي ناقش التوجه المنسجم لدول العالم تجاه مجموعة طالبان، أعلن مكتب بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان أنه “ليس بمقدورنا الخروج عن حالة التعاطي.”
وتم خلال الأيام الماضية تداول نص عن جلسات فريق عمل الأمم المتحدة حول أفغانستان على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر أن طريقة عمل المؤسسات المنضوية تحت الأمم المتحدة في أفغانستان قد تغيرت.
وتأسيسا على نص عن الجلسة الرابعة لفريق عمل الأمم المتحدة لأفغانستان، فان بوسع وكالات الأمم المتحدة في أفغانستان أن تتخذ القرار بمفردها بشأن كيفية عملها في هذا البلد وحتى أنها تستطيع الامتثال للتعليمات المتشددة لمجموعة طالبان.
الأمم المتحدة والدفاع عن المرأة
أما المنظمات المختلفة المعنية بحقوق الانسان، فقد وجهت انتقادات لتغير أسلوب عمل الأمم المتحدة ومواصلتها التعاطي مع مجموعة طالبان. بما في ذلك، دعت منظمة “الحرية الان” (Freedom Now) الأمم المتحدة لتتخذ موقفا حازما للدفاع عن موظفيها النساء أمام مجموعة طالبان.
وأعربت هذه المنظمة في بيان نشرته على “تويتر” عن قلقها من رضوخ المؤسسات التابعة للأمم المتحدة لقرار مجموعة طالبان بمنع النساء من العمل. وأكدت في بيانها أن مواصلة المنظمة الدولية نشاطها في أفغانستان في وقت تمنع فيه طالبان النساء من العمل في مكاتبها “يمثل انتهاكا لمبدأ المساواة الجندرية الوارد في ميثاق الأمم المتحدة”.
وفي وقت سابق، انتقدت هدر بار مساعدة راصد حقوق الانسان لشؤون المرأة، قرار الأمم المتحدة وقالت إن هذا القرار اتخذ في الوقت الذي تمارس فيه مجموعة طالبان “التمييز الجندري” في أفغانستان.
كما وجه عدد من نشطاء حقوق المرأة في أفغانستان، انتقادات لقرار الأمم المتحدة بمواصلة نشاطها وعملها في هذا البلد رغم استمرار حظر عمل النساء في البلاد واتهمت طالبان بـ “تجاهل” المرأة في أفغانستان.
أيهما؛ الذود عن القيم أم التعاطي مع طالبان
وردا على الانتقادات الموجهة لنشاطها في أفغانستان، قالت الأمم المتحدة أنها لا تستطبع في الوقت الحاضر، التخلي عن ملايين الناس المحتاجين في أفغانستان.
وقال انطونيو غوتيريش أمين عام الأمم المتحدة في مؤتمر صحفي عقب اجتماع الدوحة، أنهم سيبقون ملتزمين بتعهداتهم تجاه الشعب الأفغاني وسيقدمون المساعدة له.
وأضاف إن أفغانستان تقاسي من أكبر أزمة انسانية في العالم، وللتصدي لهذه الأزمة، فان المساعدات المالية وحدها لا تكفي.
ويرى الكثير من المراقبين أن الأمم المتحدة قد علقت الأن في أفغانستان أمام مفترق طرق عصيب. فان اتبعت القيم الواردة في ميثاق المنظمة الدولية والتي تنص عليها القوانين الدولية أيضا وتدخل في مواجهة مع مجموعة طالبان فيتعين عليها حينها الانسحاب من أفغانستان ووقف أنشطها في هذا البلد، وحينها، ماذا سيكون مصير أكثر من 28 مليون أنسان جائع؟
لكن إن بقيت الأمم المتحدة في أفغانستان وواصلت تقديم المساعدة للمعوزين رغم القيود التي تفرضها طالبان، فانها تكون قد ضربت عرض الحائط المبادئ والقيم التي تؤمن بها.
ورغم ذلك، يبدو أن الأمم المتحدة قد اعتمدت الخيار الثاني إذ أنها تريد التكيف مع القيود التي وضعتها طالبان على عمل النساء وبالتالي مواصلة تقديم المساعدات الانسانية في أرجاء أفغانستان.
وعلى الرغم من أن الخضوع للقيود التي تفرضها مجموعة طالبان على عمل النساء، قد يجعل هذه المجموعة أكثر جسارة وتشددا ويدفعها إلى وضع تعليمات أكثر صرامة في هذا الخصوص، غير أن التخلي عن 28 مليون إنسان جائع ووقف تقديم الدعم والمساعدة لهم، يؤدي إلى كارثة إنسانية رهيبة لا يمكن تعويضها.